قصة رائعة سيرة عبقري رياضيات هندي
- By : Smail Dahia
- 7 mai 2015
- 5 min de lecture

قصة رائعة سيرة عبقري رياضيات هندي ولد سرينيفاسا رامانوجان يوم 22 دجنبر 1887 ، بمدينة إرود (Érode) جنوب الهند بمقاطعة مادراس (Madras) من عائلة فقيرة جداً دخل رامونجان وعمره 11 سنة المدرسة الثانوية ومن هـناك ابتدأ يبدع كثيراً إلا أنه وجد نفسه أكثر إبداعاً في الرياضيات ، وفي سن الثالثة عشر وقع في يديه كتاب رياضيات ل Carr بعنوان A Synopsis of Elementary Results in Pure and Applied Mathematics سمح له بأن يضع كل تركيزه وجهده في الرياضيات ، بالرغم من أن هذا الكتاب كتاب عادي ، بل إنه لا ينفع للمبتدئين كونه عبارة عن تجميع لآلاف النتائج الرياضية بدون أي إشارة إلى براهينها وهو مخصص في الأصل لطلبة الرياضيات كمساعدة لهم على الحصول على درجة طيبة في اختبار البكالوريوس ؛ وكان هذا الكتاب كابوساً لهؤلاء إلا أنه لرامنجان كان بمثابة شرارة لنبوغه وإنفجاره الرياضي ، ولسوء حظه كان سبباً أساسياً في تدمير مستقبله وعدم حصوله على درجات طيبة في ثانويته ، ومن مميزات الكتاب التي دفعت رامنجان للعمل هو إحتوائه على إقتراحات وأفكار حول كيفية البرهان على المعادلات الرياضية ؛ وهذه المقترحات دفعت رامنجان للتفكير والعمل من خلالها . وقد جمع أكثر من ثلاثة دفاتر ملاحظات حول عمله ذلك .
بدايات التعلم الذاتي كانت بدايته مع حساب المتتاليات الهندسية والحسابية ، وفي سن الخامسة عشر فهم كيف تحل معادلات الدرجة الثالثة ، واستمر بنفسه بدون مساعدة من أحد في محاولة حل معادلات الدرجة الرابعة ، وفي السنة التالية حاول حل معادلات الدرجة الخامسة مع أنه لم يكن يعلم أنه لا يمكن حلها وبالتالي فقد فشل ، وابتدأ في نفس السنة بحثاً جدياً في محاولة حساب مجموع حدود المتتالية (n-1) وحساب ثابت أويلر بالدقة (10-15) ونجح في ذلك بالإضافة إلى اكتشافه لوحده أعداد برنولي.
ونظير هذه الاكتشافات الرائعة حصل على منحة دراسية إلى الكلية الحكومية في مدينته ، إلا أنه خسرها بسبب تكريسه جل وقته للرياضيات على حساب المواد الأخرى ، وهرب بعيداً إلى مدينة أخرى غير مدينته حتى يكمل أبحاثه الرياضية ويكمل عمله حول السلسلات les séries hypergéométriques وعلاقتها بالتكامـلات intégrales وعلم لا حقاً أنه كان يتعلم الدوال les fonctions elliptiques .
في سن السابعة عشر سافرة إلى مدراس والتحق بالجامعة l'université Pachaiyappa بهدف تعلم ما يمكنه حتى يتجاوز الاختبار الأولي لدخول l'Université de Madras .. إلا أنه ولثلاثة أشهر كان يفشل في جميع المواد عدا الرياضيات مما جعله يطرد خارجاً .
استمر رامونجان في أبحاثه وتعلمـه إلا أن هذه المرة بدون أي فكرة حول توصل اليه الرياضيون في الوقت الحالي ومدى التقدم الذي وصلت إليه الرياضيات ؛ وبدون أي مرجع سوى الكتاب القديم الذي وجده وهو صغير (Synopsis des résultats élémentaires en mathématiques pures) .
في سن التاسعة عشر بدأ بدراسة الكسور المستمرة (les fractions continues) والسلسلات المتباعدة (séries divergentes) وبعدها بقليل وفي سن العشرين (1909) حصلت له انتكاسة مرضية خطيرة استلزمت عملية جراحية أخذت منه وقتاً طويلاً حتى يتعافى .
حاول بعد ذلك الحصول على اعتراف بعبقريته الرياضية وراسل المجلات لنشر أبحاثه في الهـند واستطاع أن يحصل على القليل من الاعتراف الذي مكنـه من الحصول على أول وظيفة له في مكتب المحاسب العام في Madras . دفعه ذلك قليلاً إلى إرسال رسائل إلى المجتمع العلمي في الخارج وفي بريطانيا وراسل عدة دكاترة إلا أنه لم يعره أي أحد منهم بالإهتمام و لم يعترفوا به . .
السفر إلى بريطانيا في العام 1913 تلقى العالم الرياضي الإنجليزي Hardy رسالة غريبة من مجهول ، مصدرها مدينة Madras في الهـند ، وكانت تحوي 120 نظرية بدون أي إثباتات (بسبب ربما عدم قدرة مرسلها على إرفاقها مع الرسالة لشدة فقره) في نظرية الأعداد والكسور المستمرة والسلاسل اللانهائية و improper integrals وكل ذلك في إحدى عشرة صفحة فقط ؛ وبالرغم من أن هاردي كان متعوداً على مثل هذه الرسائل من كثير من الحالمين خاصة وأنه عالم بارز فقد شدّه شيء ما حول الصيغ الرياضية المكتوبة وطلب من مساعده معاونته حول قراءة هذه الرسالة وتحقيق ما إذا كانت نتائجها صحيحة أم لأ ، وتوصلا بعد عدة ساعات إلى نتيجة “أنه بفرض أن هذه النتائج خاطئة فإنه لا أحد من العالمين سيملك الخيال الكافي لإختراعها وفبركتها” . حاول هاردي التأكد من صحة نتائج رامونجان فرد عليه برسالة أخرى: (( إنني مهتم للغاية برسالتك والنظريات التي ذكرتها ، وأنت تفهم بأنه حتى يمكنني أن أحكم بشكل جيد على قيمة عملك فإنه يجب علي أن أرى بعضاً من براهينك ،وبالنسبة للنتائج التي توصلت إليها فمن الممكن حسب نظري تقسيمها إلى ثلاثة أصناف: (1) هـناك عدد من النتائج التي هي معروفة مسبقاً أو سهلة الإثبات من نظريات معروفة أصلاً. (2) عدد من النتائج تبدو لي حسبما أعرف جديدة ومثيرة ، وسبب كونها مثيرة هو صعوبتها وحب الإستطلاع وليس من ناحية أهميتها. (3) نتائج أخرى تبدو لي مهمة وجديدة للغاية ……))
أرسل رامونجان مع كامل سروره العديد من براهين نظرياته ، ما جعل هاردي يطلب منه السفر إلى بريطانيا حتى يلتحق معه في جامعة كابريدج وفي العام 1914م وصل رامونجان إلى بريطانيا مع بدء الحرب العالمية الأولى تقريباً ومع بدء مشاكله الصحية في التفاقم أكثر فأكثر. من أكبر المشاكل التي واجهت هاردي مع رامونجان هي قلة ألفته بالرياضيات المعاصرة في وقته ، لدرجة أن رامونجان لم يكن يعلم ماذا تعـني صيغة قانون أو proof وما هي طرقه الرياضية الصارمـة . في العام 1917م ، انتكست صحة رامونجان كثيراً واعتقد الأطباء أنه قد يموت بسبب شكهم أنه قد يكون مصاباً بمرض السل ، وفي أثناء ذلك حصلت قصة طريفة إذ أن الدكتور هاردي وهو يعـوده أشار إلى أنه أتى إليه بسيارة أجرة رقمها 1729 وأنه متشائم بسبب هذا العدد الممل إلا أن رامونجان رد سريعاً هذا العدد ليس مملاً أبداً ، وأنه أصغر عدد من الممكن التعبير عنه كمجموع مكعبين بطريقين مختلفين حيث 103 +93=1729 وأيضاً فإن 123+13=1729 وهذه القصة مؤشر مهم على عبقريته وشغفه بالرياضيات
سنوات رامونجان في إنجلترا كانت أعظم فترات حياته إنتاجية ، وقد حصل فيها على الاعتراف الذي أراده عند حصوله عام 1916م على درجة البكالوريس ، وبعدها بأربع سنين ونظراً لحالته الصحية المتعثرة دائماً فلقد توفي وعمره لا يتجاوز 33 سنة فقط.
دفاتر الملاحظات الثلاثة خلف رامونجان ثلاثة دفاتر كتب فيها ملاحظاته ليست مجلدة وإنما أوراق منفردة ، جميعها كتبها في الهـند قبل ذهابه إلى بريطانيا ، حيث كتبها كنتائج بدون أي إثبات عليها ، وهذا ربما ينبع من تفكير رامونجان العالي القادر على الوصول إلى نتائج جديدة بدون إثباتها ، وقد يعود السبب في هذا أيضاً إلى ثمن الورق الغالي مما لا يمكن رامونجان من إنفاق الكثير لكتابة براهينه على ورق جديد. دفتر الملاحظات الأول كان 351 صفحة بـ 16 فصل منظم بشكل جيد واحتوى أيضاً على بعض المعلومات الغير منظمـة ، دفتر الملاحظات الثاني كان فيه 256 صفحـة في 21 فصل و100 صفحة أيضاً غير منظمـة ، أما دفتر الملاحظات الثالث فيحتوي على 33 صفحة غير منظمة ، بالنسبة لهذه الدفاتر وأهميتها فلقد ألهمت كثيراً من علماء الرياضيات الذين حاولوا إثبات ما وجد منذ وفاته .
خاتمة : من الممكن أن نتعلم من هذه القصة أشياء كثيرة: استطاع رامونجان على الرغم من قصر عمره (33 سنة) أن ينتج وأن يفيد البشرية أكثر مما أفاده أغلب الناس والذي قد تزيد أعمارهم عـن ضعف عمره. استطاع رامونجان أن يؤمن بقدراته على الرغم من أنه يعلم أنه قد لا يتلقى أي اعتراف وأي مساهمـة خاصة في الهـند في ذلك الوقت ، وهذا ما دل عليه محاولاته كسب أي اعتراف بإسهاماته وأعماله. الصبر الذي علم رامونجان أن يصبر على التعلم ، كم من واحد منا يستطيع أن يصبر على مذاكرة مواده وهو يعلم أنه سيختبر فيها ، فكيف الأمر إذا علم أنه لن يختبر فيها … ونلاحظ صبر رامونجان على الأمراض التي أتته وحالته الصحية السيئة والتي ابتدأت منذ أن كان شاباً يافعاً واستمرت طيلة عمره . وقد وافته المنية يوم 26 أبريل 1920
by : Smail Dahia
Comments